عن المجلة النسخة المصرية النسخة الإماراتية‎ النسخة السعودية إعلن معنا اتصل بنا
عن المجلة النسخة المصرية النسخة الإماراتية‎ النسخة السعودية إعلن معنا اتصل بنا

العدد الرابع - النسخة المصرية

العدد الرابع - النسخة المصرية

09 أغسطس 2016

إلى أين الاتجاه؟
تتسارع وتيرة تراجع الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية بصورة لا تدع مجالاً للشك في
أن ما يحدث ليس انعاكساً للوضع الاقتصادي بقدر ما يعبر عن وجود تجارة رائجة تتربح
منها قلة على حساب الملايين، فالمضاربات الحالية على سعر الدولار وخلق طلب متزايد
يسهم بصورة فاعلة في زيادة عملية الدولرة.
ولا يستطيع أحد إنكار عدم قدرة البنك المركزي بسياساته الحالية بل وربما بالتشريعات
في كبح جماح محاولات دفع الجنيه نحو المزيد من الضعف والتراجع، وأيضاً لا يمكن
قصر أسباب المشكلة في المركزي وحده؛ لأن هناك مجموعة اقتصادية لا بد لها أن
تدعم توفير العملات الأجنبية التي أصبحت بالفعل اسماً على مسمى «الصعبة .»
ولكن مع استمرار السياسات النقدية بصورتها الحالية ستكون العواقب وخيمة على
الجميع، فوقوف البنك المركزي مكتوف الأيدي مع تحطيم الدولار لأرقام قياسية
بوصوله لنحو ثلاثة عشر جنيهاً في سوق موازية تم تجريمه تشريعياً؛ يجعلنا ندق
ناقوس الخطر للبدء بصورة سريعة في تعديل السياسات النقدية الحالية التي أثبتت
فشلها في تحقيق استقرار لسعر العملة، فالتمسك بسياسة تثبيت سعر الصرف أمام
العملات الأجنبية يحمِّل الدولة فوق طاقتها، ويجرف احتياطياتها من النقد الأجنبي،
ويدفع نحو المزيد من ضعف العملة المحلية.
ربما تكون هناك آثار سلبية لتعويم كامل للجنيه، ولكن نرجو ألا تكون بالسوء الذي نراه
حالياً، والتأخر في هذا القرار يزيد من حدة أزمة توافر العملات الأجنبية بالبنوك، وربما يكون
الاتجاه حالياً للاقتراض من صندوق النقد الدولي هو بمثابة تأكيد على الاتجاه نحو تطبيق
المزيد من الإجراءات الإصلاحية، واستكمال خطط رفع الدعم وتعويم سعر الصرف؛
لأنها شروط أساسية لقبول طلب مصر للحصول على تمويلات من الصندوق.
وهنا يحضرنا المثل المصري الشهير «وجع ساعة ولا كل ساعة »، حيث إن الآثار السلبية
لتلك السياسات النقدية والمالية المطلوبة سيستمر أثرها لفترة أياً كان مداها ولكنها
ستنتهي، أما السياسات الراهنة ودعم الجنيه بما لا يعبر عن قيمته سيجعلنا نسير في
نفس الدائرة المغلقة أبد الآبدين.

محمود مكاوي

file_download تحميل book pdf