دلالات الاحتياطي النقدي

لا شك أن ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري فوق مستويات
36 مليار دولار وتطوره بنسبة تجاوزت 100 % خلال أقل من عامين دلي ٌ ل على الرؤية المستقبلية
الإيجابية للاقتصاد المصري بالرغم من ظهور التشكيكات التي تربط بين هذا الارتفاع وبين
حجم الدين الخارجي وتطوره خلال نفس الفترة.
ولعل الرؤية المستقبلية الإيجابية التي أكدتها وكالات التصنيف الائتماني العالمية
ومؤسسات التمويل الدولية لها دلالاتها أو مبرراتها باعتبار أن اقتراض الدول من الخارج هو
أمر طبيعي، ونجاح عقود أو مشروعات التمويل دليل على ثقة المقرض في استرداد تلك
الأمول، وهو ما يقودنا للمقارنة بين الوضع الحالي وبين محاولات سابقة لصفقات تمويل
من الخارج لم تكلل بالنجاح.
وهنا تظهر دلالات ومؤشرات يمكن استنباطها من الظروف الاقتصادية القائمة، ولعل
أهمها هو نجاح خطوة تحرير سعر صرف العملة في إيقاف نزيف الاحتياطي من النقد
الأجنبي والذي كان يستخدم في دعم الجنيه أمام العملات الأجنبية، وكذلك هناك إشارة
لعدم وجود إشكالية في طلب مصر لأي قروض خارجية، والدليل هو التغطيات المكررة
لاكتتابات السندات الدولارية التي يتم إصدارها بالخارج بالعملة الأجنبية.
ولكن يبقى هدف جديد للحكومة المصرية ويجب أن تنجح في تحقيقه وهو خفض
تكلفة تلك القروض، حيث إن ارتفاع العائد عليها يحمل الموازنة ضغوطاً كبيرة تقلل
من مخصصات الخدمات والإنفاق الاستثماري؛ لذا لم يشعر المواطن حتى الآن بتلك
المؤشرات الإيجابية التي ما زالت بالنسبة له مجرد أرقام لم تنعكس على حياته المعيشية
ومتطلباته اليومية.

محمود مكاوي