عن المجلة النسخة المصرية النسخة الإماراتية‎ النسخة السعودية إعلن معنا اتصل بنا
عن المجلة النسخة المصرية النسخة الإماراتية‎ النسخة السعودية إعلن معنا اتصل بنا

النسخة المصرية - العدد الثامن عشر

النسخة المصرية - العدد الثامن عشر

29 نوفمبر 2017

كيف ترى «التعويم » بعد عامه الأول؟

عانى الاقتصاد المصري من كبوات عظمى منذ عام 2011 متأثراً بالتغييرات السياسية التي شهدتها البلاد عقب إزاحة
حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتحديداً القطاعات التي كانت تسهم بدرجة كبيرة في توفير النقد الأجنبي،
ومنها السياحة والتصدير وتحويلات العاملين بالخارج؛ الأمر الذي تسبب في السحب من الاحتياطي النقدي المتاح
بالبنك المركزي لتغطية الاحتياجات الأساسية للبلاد من السلع التي يتم استيرادها من الخارج بالعملات الأجنبية.
وتسبب نقص العملة الأجنبية في البلاد في ظهور سوق موازٍ لتعاملات النقد الأجنبي، خاصة أن سعر الجنيه
المصري أمام العملات الأجنبية لم يكن محرراً؛ أي أنه لم يكن مسعراً وفقاً لآليات العرض والطلب بل كانت تتم
وفقاً لسعر محدد ومعلن من قبل البنك المركزي؛ وهو ما جعل حائزي الدولار يتجهون لمن يدفع أكثر عند
تحويل تلك العملة للجنيه المصري لتنتعش معه تجارة رائجة خارج الجهاز المصرفي وهي «تجارة العملة .»
وتسببت تلك التجارة في نقص العملة الأجنبية لدى الجهاز المصرفي الرسمي وترتب عليه مزي ٌ د من تآكل
الاحتياطي النقدي؛ الأمر الذي أجبر البنك المركزي على الاتجاه لتحرير سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية
في نوفمبر من عام 2016 وهو قرار ليس بالهين؛ لأنه يحمل معه المعاناة لكافة فئات الشعب المصري لما يترتب
عليه من تراجع قيمة الجنيه وبالتالي ارتفاع الأسعار وتراجع القيمة الفعلية للمدخرات السائلة بالعملة المحلية
للمصريين.
حقيقة.. إن قرار تحرير سعر العملة لم يكن خياراً بل كان قراراً لا بديل عنه؛ لأنه في حال تأجيله أكثر من ذلك كان
سيحمل في طياته مستقبلاً مظلماً لكافة المصريين، خاصة مع استمرار الاحتياطي النقدي في منطقة الخطر
حول مستوى ال 15 مليار دولار؛ وهو المستوى الذي يصعب معه الحصول على أي قروض خارجية، أو إصدار سندات
بالعملة الأجنبية؛ بل وف ْ رض مزيدٍ من الضغط على توفير السلع الأساسية التي تحتاجها مصر شهرياً، وتجاوز
قيمتها 5 مليارات دولار سواء كانت سلعاً غذائية أو موادَّ بترولية.
لذا نقول: إنه بعد مرور العام الأول على قرار تحرير سعر الصرف فقد استطاعت مصر كسب المزيد من الثقة من
الدائنين، واتجهت مباشرة لتداولات النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي لتصل معه احتياطيات مصر من العملة
الأجنبية لمستويات تفوق ما قبل يناير 2011 ، وكذلك ارتفعت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة
خلال هذا العام؛ نتيجة ثقة المستثمر بحرية تداول وتحويل العملات الأجنبية من وإلى مصر.
لا يستطيع أح ٌ د أن يُنكر تأثير هذا القرار على معدلات التضخم، وانخفاض مستوى معيشة المواطن المصري،
وخاصة الطبقات الكادحة والأكثر احتياجاً، ولكن من المؤكد أن الأمور كانت ستصبح أسوأ عليهم وعلى كافة
فئات المجتمع إذا تأخر قرار التعويم أكثر من ذلك.

file_download تحميل book pdf